لكل أهل مصر

محمد منير..الرماح…ولوحة شرف الغناء  __ د.إلهام سيف الدولة حمدان

1٬126

 

محمد منير مغني وممثل ودفّاف مصري، يُعرف بموسيقاه التي يخلط فيها الجاز بالسلم الخماسي النوبي، وكلمات أغانيه العميقة، وأسلوب أدائه ومظهره غير الملتزم بتقاليد الطرب والمطربين، وبخاصة شعره النامي وطريقة إمساكه بالميكروفون ووقوفه وحركاته العصبية الغريبة أثناء الغناء. بحسب ويكيبيديا…

لكن بحسب قلوبنا فمنير يقع في قلب كل مصري له مساحة لامحدودية لها من وجدان الشعب المصري بل العربي أيضا..منذ ظهوره في عالم الغناء لاقى قبولا جماهيريا واسعا تستطيع أن تتعرف على حجم شعبيته الواسعة من خلال متابعة حفلاته التي تنطوي على حضور قوي من الشباب تحديدا بل كل الفئات العمرية …يتطلعون إلى معرفة أخباره ومتابعة نشاطه الفني الغنائي وفي التمثيل أيضا ،فقد أثبت بمشاركاته السينمائية رغم أنها ليست كثيرة لكنه يستطيع في كل ظهور جديد له أن يترك انطباعا لايغادر المتفرج حتى بعد نهاية مشاهدة العرض..من منا لا يتذكر دوره المميز مع سيدة الشاشة العربية فاتن حمامة في فيلم(يوم حلو ويوم مر) ،ودوره في فيلم المهاجر من إخراج العبقري يوسف شاهين ومازال رنين أغنيته الشهيرة (علي صوتك بالغنا ..لسه الأغاني ممكنة) يداعب أذننا ويسكن وجداننا،وكذلك فيلم (حدوتة مصرية)وأغنيته داخل الفيلم التي تحمل عنوان حدوتة مصرية وكانت أغانيه داخل الأفلام تسهم بشكل كبير في نجاح العرض السينمائي وتلقى جميعها استحسان الجمهور وتعد بطلا من أبطال الفيلم…

مشى محمد منير مشوارا طويلا ليصنع أسما سيخلد في عالم الفن عامة وعالم الغناء بخاصة .

فمذ كان فتى يافعا غضافي مقتبل العمر،أتى إلى قاهرة المعز بصحبة عائلته هربا من الغرق الذي لحق بالعديد من القرى النوبية من بحيرة ناصر؛ جاء يحمل احلام الصبا التي يهفو إليها قلبه اليافع،فذهب يطوف أرجاء القاهرة عبر شوارعها مترجلا حذاءه،عله يجد صديقا يدله على متنفس يوصله بالطريق المرجو.

إنه (الرماح)اللقب الذي استحقه بعد تجواله هذا أطلقه عليه الشاعر الغنائي المتميز عبدالرحيم منصور،الذي وجد في منير وموهبته الفنية ضالته المنشودة حين جمعت بينهما الصدفة المحضة في ذات مناسبة،فكانت الانطلاقة لمنير التي أجلسته متربعا على عرش الأغنية فيما بعد، فقد ألف عشقهما للفن بين نفوسهما وبدآ سويا مشوار النجاح.

اللافت في منير تميزه بلهجة يعدها المختصون تشكل هجينا بين القاهرية والأسوانية،وأسهم ارتباطه بأشعار الصفوة من شعراء العامية المصرية ومفرداتهم اللغوية المتفردة،مع أنغام تبعده عن الغناء الكلاسيكي الطربي السائد وقت ظهوره على ساحة الغناء عظيم الأثر في اندفاع الشباب نحوه وتوقهم إلى الاستماع إلى أغانيه منذ بداياته وحتى آخر حفلاته.

طور محمد منير أسلوبه بمرور السنوات حتى يراعي مايتلاءم مع ذوق جمهوره حتي يظل بزخمه يحاوطه ويلاحقه أينما ذهب في حفلاته،وبإغراقه في المحلية وتمسكه باللغة المصرية ولهجتها المحببة استطاع أن يصل لأذن كل مستمع أفريقي أكان ام أوربي!

وقد أسهم ظهوره بشكل خاص من حيث ملابسه البسيطة واكسسواراته التي يسيطر عليها الخرز بألوانه وبخاصة ذي اللون الأزرق المعبر عن بيئته التي تدفع به للحماية من العين والحسد أن يؤسس لشخصيته كمغن متفرد له طابعه الخاص لم يقلد أحدا،وكان لمحافظته على التقاليد والأخلاق ومراعاة الأصول له وقعه الطيب وتمثل فيما تغنى به مجسدا مايعانيه الناس من مواجع فكان يسبح ضد التيار كمغن يحفر اسمه في لوحة شرف الغناء في مصر بل العالم،وذلك من خلال ما ماجت به أغنياته من قدرة على اختراق الآخر عابرة للقارات بدليل تصدر بعض أغنياته للمبيعات في أسواق أفريقيا وأوروبا فاقتحم عالمهم بقوة حنجرته التي استمدت خامتها من طين هذا البلد وإحساسه و خلفهما عزيمة مستمرة على التحدي والنجاح..وقد كان حليفه نظير اجتهاده في فنه الجاد .

اهتم رماحنا منير بتقديم أغان تحمل في طياتها قضايا وطنية مثل طرحه ألبوم(الأرض والسلام) بعد أحداث ١١سبتمبر دفاعا عن الإسلام وإظهار قيمة التسامح فيه،واشتراكه مع الفنان عمرو دياب في أغنية دويتو للتغني ب(القاهرة ونيلها وطول ليلها..) التي نجحت نجاحا كبيرا.

 

ومما لاشك فيه أن وراء كل مطرب أغنية كانت سببا في ذيوع صيته وشهرته وإظهار طاقاته الإبداعية ونبوغه فمن منا لا يتذكر دوي نجاح أغنيته( الليلة ياسمرا) التي جعلتها الصدفة من نصيبه بدلا من الفنان محمد حمام .

ولمنير رأي فيما يتصل بالآلات التي تصاحب أغانيه حيث كانت تصاحبه فرقة (المصريين) بقيادة الموسيقار هاني شنودة وماتستخدمه من آلات تنسب إلى (الجاز)،يقول منير:إن جنسية الآلة لاتعنيه ولكن المهم ماتقدمه تلك الآلات الموسيقية ،لها جانبان:الأول:هل المطرب محلي فقط فيضطر لأن يقدم فنه في أكثر من مكان أو أكثر من ثقافة وإمكانات الآلة لاتحيره لكن توظيفها…وكذلك الجمهور فلكل جمهور ذوقه ومناخه الخاص.

والدف في فرقته له دور كبير لذلك كان يسمى ب(الدفاف) فهو يستخدمه كما استخدمه أهل النوبةحيث كانت لاتقل عن ثلاثة دفوف.

وجدير بالذكر أن أغنيته (علموني عنيك)قام بوضع لحنها الموسيقار هاني شنودة وعبدالرحيم منصور الكلمات،نجحت لدرجة أنها أصبحت تستخدم في السيرك القومي كتقليد تتبعه إدارته في الترحيب بالزوار مذ العام ١٩٧٩.

حصل منير على عدد من الجوائز والتكريمات نذكر منها الجائزة البلاتينية في ألمانيا ٢٠١٠،وفاز بها مرة ثانية بمشاركة فريق غنائي الماني شهير(إيش آندإيش)،وفي نوفمبر من العام نفسه أعلنت ال(BBC) عن قائمة لأفضل ٥٠أغنية أفريقية خلال خمسين عاما مضى،فكان الفوز حليف أغنيته(الليلة ياسمرا) لفؤاد حدادا كلاما، وأحمد منيب لحنا ،في مقدمتها..كما فازت أغنيته (ليلى)لمجدي نجيب كلاما وعمرو محمود لحنا على جائزة المغني الشهير والمذيع والعزف الألماني (شتيفان راب) حيث حققت ٧٠٠الف أسطوانة في وقت قياسي ٣أسابيع فقط!

والمتابع لمسيرة الرماح والملك محمد منير الذي قام بدوره في مسرحية الملك هو الملك من إخراج مراد منير وكان نجاحه في الوقوف على خشبة المسرح ونجاح دوره سببا مباشرا ليصحبه اللقب مدى الحياه فهو ملك يملك قلوب محبيه ..هذا الأسمر سمرة شمس مصر ،الذي استطاع أن يحتفظ بنجاحه عبر سنوات طوال ومازال يلهث وراء حفلاته وأعماله جمهور كبير من السميعة المحبين للفن الجيد والفنان الذي يحترمهم ،وبرغم مصاعب المشوار لتحقيق النجومية لم نجده يقدم تنازلات تنال من اسمه بل يحرص حرصا شديدا على الحفاظ على كرامته كفنان يعتد بتاريخه ،فاستحق من الجميع من محبيه ومريدي فنه أن يضعوا اسمه أعلى قائمة لوحة شرف الفن والغناء وهذا تكريم يتقدم على كل ماحصل عليه من تكريمات وجوائز فالمحبة والاحترام اهلك كل منها لبلوغ هذه المكانة بقلوب جمهور يعشق فنك..ولايسعني ختاما إلا أن أقول له شكرا على عطائك البديع غير المنكور الطاغي متعك الله بالصحة والعافية وبارك في عمرك يا(كنج) الأغنية المصرية في عصرنا الحديث!

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط