src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

يناير 2015 ثورة التنوير

71

بقلم : إبراهيم العجمي

 

بعد أن اصبحت مصر تستيقظ كل يوم على مشاهد الذبح وقطع الرؤوس مع التكبير والتهليل علي ايد من يلثمون وجوههم ويحملون إعلام كتبت عليها “لا اله الا الله محمد رسول الله”, ربما أدرك النظام أخيراً أن حل المشكلة لا يأتي بجز الساق أو العنق تاركاً الجذور  فى الارض تمتص له الغذاء ليعود ذألك النبت الشيطاني للحياة وينمو ويتشعب فيها من جديد, فالحرب على الارهاب المسلح الذي يتبنى منهج التفجيرات والقتل منذ أن خرج من سيناء  وأصبح يهددون حياة المواطن المصري في كل أقاليم الجمهورية ليس سوي جزء من حرب أكبر وهي حرب فكرية عقائدية فى الأساس تجد لها من داخل أطار الدين ما تبرر به أفعالها الهمجية وتتخذ من بعض الآيات القرآنية والأحاديث ذريعة لأفعالها في بعد كامل عن أسباب النزول والمكان والزمان وهي الأساسيات التي يعتمد عليها المفسرون فى تفسير النص, مما يفقد النص معناة ومن هنا تبدأ المشكلة.

في الأول من يناير وعلى غير العادة كانت أشاره بداية الثورة الجديدة مع رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي والذي أستغل احتفالية المولد النبوي الشريف وطالب بكل صراحة وجراءة من داخل الأزهر بـ” ثورة دينية” وبضرورة تحمل الأزهر لمسؤوليته التاريخية فى تجديد الخطاب الديني قائلاً: “الفكر اللي بنقدسه ده يدفع الامة دي بالكامل ان هيه تبقي مصدر للقلق والخوف والقتل و التدمير في الدنيا كلها … أنا مش بقول الدين انا بقول الفكر ده اللي تم تقديسه نصوص وافكار تم تقديسها علي مئات السنين واصبح الخروج عليها صعب قوى لدرجة ان هيه بتعادي الدنيا كلها” .

فاقد الشيء لا يعطيه

بالرغم من تعويل الرئيس علي مؤسسة الأزهر في قيادة الثورة الدينية – كما أسمها- لما لها من تاريخ سابق في مواكبة العصر وتجديد الخطاب الديني وخاصة مدرسة الأمام “محمد عبدة” التي كان لها إسهام كبير في هذا المجال أواخر القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين, حيث قال لهم نصاً ” انا بقوله قدام رجال الدين والله لاحا جيكم يوم القيامة امام الله علي اللي أنا بقولة”, وأنتظر الرئيس خطوة من الأزهر في طريق أنتاج خطاب ديني عصري مستنير يكون بداية إصلاح عقول الشباب بعد عصور طويلة من تعرضهم لقنوات نجوم الفكر “السلفي الوهابي” التي كانت بداية لنشر الافكار التكفيرية والتطرف بين أبناء الوطن الواحد, إلا أنهم خذلوه .. ولأن فاقد الشيء لا يعطيه فكان رد الأزهر بحذف الدروس التي تبيح أكل لحم الأسير، وتوقف الأزهر بعدها عاجز أن يخرج من الإطار الذي عاش فيه لعقود طويلة بعد انتهاء عصر الأمة المجددين وأصبح قيادات المؤسسة الأزهرية أسيرة ما تربت عليه من موروثات ثقافية أصبحت بشكل أو بآخر جز لا يتجزأ من مؤسسته,  ليلجأ بعدها الرئيس لرموز المجتمع من الكتاب وأصحاب الرأي والإعلامين.

النتيجة العكسية

ادي اعتماد الرئيس عبد الفتاح السيسي علي قادة الرأي والمثقفين فى المجتمع المصري الي نتيجة عكسية بل واعطي فرصة للمتصيدين لأخطائه على طبق من ذهب, فعلي سبيل المثال وليس الحصر تسببت تصريحات الكاتبة “فاطمة ناعوت” لحالة من السخرية والجدل علي صفحات مواقع التواصل الاجتماعي بعد تصريح لها بعد اجتماع الرئيس مع المثقفين بأن “السيسي طلب مني تصحيح صورة الإسلام للمواطنين”, وكان هذا المتوقع من مجتمع اعتمد لعقود طويلة على التدين الظاهري والتلقين وليس الفهم أن يرفض مجرد طرح من كاتبة ليس محجبة ولها آراء مختلفة وخارج الإطار بالنسبة للغالبية العظمي من ابناء الشعب المصري.

كما أضيفت للأزمة تبني مجموعه من الاعلامين منهاج تصادمي مع التراث الإسلامي وعلي رأسهم الباحث إسلام البحيري, لدرجة جعلته أصبح موضوع الساعة بعد أن تحول الصدام مع التراث الي الصدام مع المؤسسات التي تحمي هذا التراث وعلى رأسها الأزهر.

وانتهت هذه المحاولة بخطاب الرئيس بالكلية الحربية بتاريخ 17/4/2015 الذي أعادة فيه الكرة لملعب مؤسسات الدولة من الجديد بعد أن صرح بأن “الإصلاح الديني يجب ان يكون من مؤسسات الدولة بشكل مسئول وواعي، “لما قلت تجديد الخطاب الديني كان المقصود أن يتم التحرك في هذا الموضوع بمسئولية ووعي واستنارة ارجوا آن يكون كلامي واصل”.

الثورة التنوير قادمة بالحراك الشعبي

على الصعيد الشعبي لم ينتظر المشتقون للتغير تحرك الدولة فعلي شبيل المثال بادر الشيخ الأزهري محمد عبد الله نصر بأطلاق حملة عبر مواقع التواصل الاجتماعي بعنوان “كبسولة تنوير” والتي يتابعها الآلف من الشباب عبر الفيس بوك واليوتيوب, كما شارك فى الكثير من المناظرات يحمل فيها أفكار المطالبة بغربلة واعادة تنقيح كتب التراث أمام التيار المحافظ الذي يمثله فى العادة الأزهر والجماعات الاسلامية المختلفة.

كما أسس أيضا المستشار أحمد ماهر عبده، المفكر الإسلامي “جبهة التنوير” بمشاركة مجموعه من المنتمين لمدرسة اعادة تنقية كتب التراث وتصحيح المفاهيم المغلوطة المنسوبة للإسلام بما يتنافى مع القرآن الكريم.

ومن نفس التيار من انتقد تدخل الدولة من الاساس في عملية التنوير وابرزهم الكاتب الصحفي والإعلامي إبراهيم عيسي الذي صرح بأن “تجديد الخطاب الديني قضية الشعب وليس الرئيس”, وهاجم أيضا المؤسسة التي اوكل لها الرئيس عملية تجديد الخطاب الديني من خلال أحد حلقاته حيث قال أن “الأزهر فاشل ولا يعبر عن تدين وسطي ولا دوره دور تنويري وهو مؤسسة مخترقة , الأزهر مؤسسة علمية عظيمة لكنه فاشل ومخترق ومتسلف”.

وفي الختام أحب أن أذكركم بمقولة رئيس المخابرات الامريكيّة لسابــق جيمــس وولســي, في عام 2006 والتي قال فيها ” سنصنــع لهــم إسلامــاً يناسبنــا ” وبعدها بسنوات قليلة ظهرت أولي مشاهد وقطع الرؤوس مع التكبير والتهليل بالعراق ثم سوريا ثم ليبيا وسيناء, علي أيد ملثمين حشدوا حشودهم باستغلال نصوص من التراث حسبت على الدين, أذا اردنا وقف الإرهاب فلنبدأ بوقف التطرف الفكري أولاً.. كما تقول الحكمة الصينية ” كل شيء يبدأ بفكرة”.

التعليقات مغلقة.