عندما تصبح الإعاقة في الحركة وفي العقل معا .. و في آن واحد .. يصبح السجن أكثر ضيقا والقيد أثقل وزنا .. وتبدو كأنها إعاقة في مواجهه الحياه نفسها..!!
القاهرة:مريم يوسف
هكذا هو ما حدث مع هذا الصبي “12 عاما تقريبا” الذى كان تائها ولا يعرف له اسما قبل آن تقرر غادة والي وزيرة التضامن الإجتماعي ايداعه باحدى المؤسسات المتخصصة في رعاية أصحاب هذا النوع من الإعاقات الصعبة بمنطقة المطرية، فوفرت له الملاذ الآمن والمأوى المناسب .. وان كان زملاءه في الدار قد أطلقوا عليه اسم عبد الرحمن، ربما تيمنا برحمة الله عليه .. أو بالرحمة التي يضفيها هو على المكان الذي يستقر فيه حاليا بينهم !!
تبدأ قصة عبد الرحمن منذ أسابيع .. عندما عثر عليه “أهل الخير” بمنطقة كرداسة في الجيزة، بجوار محطة للبنزين وهو يحاول النطق او الكلام دون جدوى .. وكأنه يحاول أن يقول لهم شيئا لكن اعاقته الذهنية والحركية تقف حائلا بينه وبينهم .. لا تواصل ولا تفاهم ولا كلام ولو بكلمة احدة او حتى اشارة تعبير .. الطفل يكاد يصرخ من الألم المعنوي والاحساس بالوحدة والحيرة .. وهم أيضا حيارى أكثر منه لا يدرون ماذا يفعلون .. حاولوا البحث في المكان عن أحد من أهله ربما يكون قد تاه عنه .. بلا جدوى !!
مرت الساعات وحال الطفل يزداد سوءا .. ولا أحد جاء للبحث عنه .. ما دعا أحد شرفاء المنطقة للذهاب به الى قسم الشرطة فربما يكون أحد من أهل الصبي قد سبق للإبلاغ عن فقدانه .. لكن حتى هذا البصيص من الأمل قد خبا عندما اكتشف الرجل عدم وجود مثل هذا البلاغ !!
لكن الله موجود دائما .. فعندما يغلق سبحانه وتعالى الباب .. فإنه بالتأكيد يفتح نوافذ رحمته فقد قام قسم الشرطة بإبلاغ كل من المجلس القومي لشئون الإعاقة ووزارة التضامن الاجتماعي بما حدث فاتخذت الوزيرة قرارها السابق، كما وجهت بتوقيع الكشف الطبي عليه وتقديم أوجه الرعاية الصحية اللازمة له .. فتنين أنه مصاب منذ الصغر بضمور في المخ، كما يعاني من إعاقة حركية كبيرة .. اضافة الى “حول” في العينين وكسور في الأسنان الأمامية نتيجة للوقوع المتكرر، كما أنه غير قادر كلية عن الكلام أو العناية بنفسه من أصغر الأشياء لأكبرها. . حدث هذا رغم الصعوبات التي واجهها فريق العمل بالمؤسسة أثناء توقيع الكشف الطبي على الصبي الذي كان ثائرا ووجلا للغاية ما دعاهم الى انفاق ساعات طويلة في محاولة طمأنته وتهدئته وهو ما حدث بالفعل !!
المثير أن حال الصبي عبد الرحمن قد تحسن كثيرا بعد أيام قليلة من الإقامة بالمؤسسة .. فعندما زاره فريق من ادارة العلاقات العامة بالوزارة مؤخرا .. لاحظوا التحسن الواضح على حالة الصبي الذي لا يعرف أحد ولم يتعرف عليه أحد حتى كتابة هذه السطور .. هل هو تائه عن أهله .. أم أنه بلا أهل؟ !!
سؤال ستيجيب عنه الأيام المقبلة !!
التعليقات مغلقة.