src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

احببت روح 

128

 

قصة ل شيماء احمد 

يتلفت يمينة ويسرة ….ويغمض عينه …ثم يستنشق بعمق ….ويتنهد ….

رائحتها مازالت فی الكون ….نعم ..انه يشعر انها تطوف حوله …يكاد يقسم ان يدها الناعمة تلمس اكتافه وذقنه …..

ای حظ هذا الذی اوقعه فی عشق مريضة …لم تخدعه …لم تخفی حتی عنه …مازال يتذكر صرخته حين علم بتعبها ….صرخة ايقظت الجيران واتت بجدته العجوز مسرعة خائفة عليه تسأله مابك …كان النحيب جوابه …وكانت هی مازالت علی خط الهاتف تسمع اثر الخبر عليه ….لم تندم يوما مثل هذا اليوم …ليتها تركت كل شيء يمضی فی قدر دون ان تعطيه خبر ..

هی لا تخشي ای شيء …سوی تأثير غيابها عنه …تبا …ان لم تسمع صوته كانت تجن …مع تقدم المرض كان صوتها يضعف كثيرا ..فتحتبس الكلمات داخل كحتها التی تجعلها فی اغلب الاحيان تهرب من مكالمته …ماذا ستفعل ؟؟

..كيف ستتصرف… وقد اعتاد الاثنان خطف كل مجسدات الشعور من خلال الصوت ..فحبهما عن بعد فعل افعاله فی مساحات الخيال ..وفاق حتی مايحدث للعشاق فی حال الوصال الحقيقي بالجسد…

اختفت فجأه …كان واثقا انها ستأتيه …وعد ابرمته له لم تحنث به ابدا …..ولكن القضية ..هی فی الهيئة التی ستأتيه بها …..

مرت الايام …وما انفرد بنفسه فی خلوة الا وكانت معه بظلها …يری سطورها  فی غزله علی سقف الحجرة ان تمدد سارحا …ويري عينها فی قرص القمر ..ووجها فی نهار الشتاء خجلا بين الغمام يتواری وقد علت ثغرها الابتسامة …

ذلك الخفقان الذی يرج قلبه فجأة يخبره بحدوث امر ما لها …..انه تواصل الارواح الذی عجز المنطق عن تفسيره …يمسك هاتفه …لا شعوريا ..يضغط علی رقمها …تظهر صورتها …والصوت القبيح ..

عفوا ان الهاتف المطلوب لا يمكن الاتصال به الآن …

..تری …كيف كان يتحمل العشاق جنون الحنين واللهفة قبل اختراع الهاتف ….

يعيد الهاتف لجيبه …..غير عابئا بكل الرسائل من الناس المكدسة فيه الغير مقروءة …….

ينهشه الجوع …يذهب للمطبخ …الكثير من حساء الكريمة بالخضار …..لا يعلم منذ متی اصبح نباتيا !!!

وهو من اشتهر بحبه للحوم ….ربما رغبة فی ای شيء يستعيد به ذكرياتهم الجميله …ای شيء يخرس به نهم عذاب البعاد ….كيف كانت تمليه المقادير علی الهاتف ويصور لها الخطوات ..ويتباهی حين الطبخ بجمال وروعة الروائح ..يمسك المغرفة كأنها سلاح يستعرض به قوته امام محبوبته …التی بالاساس ..تكاد تلعق شاشة الهاتف وهی تری يد حبيبها تعد الطعام علی خطوات وصفها …

كل هذا يسترجعه والملعقة لم تبرح صحن الطعام لفمه بعد …وكأنه يتلوا صلاة قبل التناول …ثم يكتشف ان لا طاقة له بالاكل ….لقد شبع …او بالاساس ….كل موائد العالم لن تسد حاجته ..انه جوع من نوع اخر ….لا يشبعه سوی اللقاء….

يجادله الرفاق …ايعقل تعشقها ولم ترها علی الطبيعة ابدا ؟؟؟ !!

فقط من خلف الشاشه؟؟؟!!

فيجيب …عشقت حروفها مثل سحر..عقدت عليها بأنفاسها ونفثتها مع الهواء …فسحبه القدر شهيقا لداخل حشای ..فلا طب عالج حالتی ..ولا رقية انجدتنی من داء العشق ….

فی عمله كم لمح خيالها …من خلف زجاج مكتبه ..وكم اسرع بين المارة فی الشوارع المزدحمة ركضا خلف شبيهة لها ….علی هذه الحال ..شهور ..حتی اوشك نجمه علی الافول …

حتی جاء يوم الفصل ..يوم الحقائق التی يأتی دوما بتغير منعطفات ….ظرف مبهم العنوان …اتاه علی مقر عمله

…به رسالة مكتوبة …وتسجيل صوتی …

اخذه ورعشة في يده تسلم قلبه ماقد يكون بداخله قبل حتی ان يبصره …..نفس شعور تواجدها …

فتح الظرف ..اخرج الرسالة ….ياالله ….منها …انها منها ..

حبيبي …عندما تقرأ رسالتی هذه ..تأكد انی فی ارض الوطن …..حبيبي …مررت بمراحل فی حياتی

لم استطع ان استمع لصرخاتك الساخطة علی قدری فيها …ولم اقدر علی مصارحتك ..فقررت الانعزال ..حتی يأخذ الله وديعته ….انتظر …لا تمزق الرسالة وتمشي بين الناس صارخا وتلعن …تركت لك شريط فيديوا ..ارجو ان تشاهده …وستجد مكتوبا فی ظهر هذه الورقة عنوان مقبرة العائلة …اذهب لزيارتی ..وخذ قبضة من تربتی ..وازرع فيها زنبقة بيضاء …

اسرع ودموعه تتساقط امطارا …وهو لا يعرف اهی صدمة انقطاع اخر امل ان يلقاها فی الحياة… ام حزنه علی سلوك تسرعه وعدم قدرته علی البأس والقوة عندما يصيبها مكروه ….قد حرمه ان يعيش معها اخر شهور عمرها وجعلها تفعل هذا ….

وضع الشريط فی الفيديو…..وانارت الشاشه ….بفستان ابيض …تجلس علی احد اسرة المستشفيات ….وتبتسم له ….علی رأسها تاج ..وفی نحرها قلادة منقوش فيها اسمه ..

تبسمت واشارت اليه …

ثم قالت …هذه هديتی لك …كلما عصف بك الشوق ياعزيزی ادر القرص وشاهدنی …انا الآن مع امك ..انها اروع سيدة فی الكون …نحن لا نكف عن الحديث عنك ….انتظرك بعد عمر مديد ..

التعليقات مغلقة.