إنَّ الْغِيبَةَ وَالنَّمِيمَةَ ذَنْبَ عَظِيمٍ وَخَطَرِ جُسَيْمٍ وَهَى مِنْ كَبَائِرِ الذُّنُوبِ والمعاصي وَ سَبَبٌ كُلَّ شَقَاءٍ وَشَرٍّ وَعَذَابٍ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَشَرَّ الذُّنُوبِ والمعاصي مَا عَظْمِ ضَرَرِهِ وَزَادَ خَطَرُهُ وَقَدْ حَرَّمَهُمَا اللهُ فِي كِتَابِهِ وَعَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ لِأَنَّهَا تُفْسِدُ الْقَلُوبُ وَتَزْرَعُ الشُّرُورُ وَتُورَثُ الْفِتَنُ وَتُجْرِ إِلَى عَظِيمٍ مِنَ الْمُوبِقَاتِ وَالْمُهْلِكَاتِ، وَتُوقَعُ بِصَاحِبِهَا النَّدَمَ فِي وَقْتِ لَا يَنْفَعُهُ النَّدَمُ، وَتَوَسُّعَ شِقَّةِ الْخِلَاَفِ، وَتُنْبِتُ الْحِقْدُ وَالْحَسَدُ وَتُجْلِبُ الْعَدَاوَاتُ بَيْنَ الْبُيُوتِ وَالْجِيرَانِ وَالْأَقَارِبِ وَتَنَقُّصِ الْحُسْنَاتِ وَتَزِيدُ بِهَا السَّيِّئَاتُ.
عَزِيزِيُّ الْقَارِئِ لَا تَسْتَسْهِلْ إِثْمَ الْغَيْبَةِ، وَلَا تَسْتَصْغِرْ شَأْنَهَا، وَلَا تَحْتَقِرْهَا وَلَا تُغْرِنَّكَ لَذَّةَ الْحَديثِ الْمُحَرَّمِ بِهَا، فَذَنْبَهَا عَظِيمُ، وَخَطَرَهَا جَسِيمُ، وَلَا يَسْتَطِيعُ الْإِنْسَانُ التَّحَلُّلَ مِنْهَا لِأَنَّهَا مَنْ حُقوقِ الْعِبَادِ إِلَّا بِالرُّجُوعِ إِلَى مَنْ تَكَلَّمَتْ فِيهِ وَطَلَبَ مُسَامِحَتِهِ دَائِماً عَلَى مَا قَلَّتْ فِيهِ ﴿ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللهِ عَظِيمٌ﴾. فَالْغَيْبَةَ هَذِهِ الايام اِنْتَشَرَ خَطَرُهَا وَصَارَتْ مَائِدَةٌ لِمُجَالِسِنَا وَتَنْفِيسِ الْغَيْرِ وَتَنْفِيسِ الْغَضَبِ وَالْحِقْدِ وَالْحَسَدِ، وَقَدْ يَظُنُّ الْمُغْتَابُ أَنَّهُ يَسْتُرُ بِالْغَيْبَةِ عُيُوبَهُ، وَأَنَّهُ يَضُرُّ مَنِ اِغْتَابَهُ، وَمَا عِلْمٍ أَنَّ أَضْرَارَ الْغَيْبَةِ عَلَيْهِ، فَالْمُغْتَابَ ظَالِمٌ وَالْمُتَكَلِّمُ فِيهِ مَظْلُومِ.
اما النَّمِيمَةَ فَهِي أَشَدُّ ضَرَراً لِنَشَّرَهَا الشُّرُورُ وَالْكَذِبُ وَالْوَقِيعَةُ بَيْنَ النَّاسِ، سَوَاءً كَانَ الْكَلَاَمُ الْمَنْقُولُ صِدْقًا أَمْ كَذِبَا أَمْ حَتَّى مُزَاحاً يُؤَثِّرُ فِي الْقَلْبِ، وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَقِفُ النَّمَّامُ وَالْمُغْتَابُ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ الْحُكْمِ الْعَدْلَ، وَيُنَاشِدُ الْمَظْلُومُ رَبَّهُ مُظْلِمَتَهُ، فَيُعْطِي اللهُ الْمَظْلُومِ مِنْ هَذَا الْمُغْتَابِ وَالنَّمَّامِ الظَّالِمِ حُسْنَاتٍ، أَوْ يَضُعْ مِنْ سَيِّئَاتِ الْمَظْلُومِ فَيَطْرَحُهَا عَلَيْهُمْ بِقَدْرِ مُظْلِمَةِ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ فِي يَوْمٍ لَا يُعْطِي وَالِدُ وَلَدِهِ حُسْنَةً، وَلَا صَدِيقُ حَمِيمُ يُعْطِي صَدِيقُهُ حُسْنَةً، كُلَّ يَقُولُ: نَفْسِيُّ نَفْسِي، وَمَنْ أَرَادَ الْأَجْرَ فَلَيَدْفَعُ عَنْ أَخِيهُ وَلَوْ نَظَرَتْ فِي أَكْثَرِ الْخِلَاَفَاتِ بَيَّنَ النَّاسُ الْيَوْمَ لِوَجَدَتْ أَنَّ الْحَطَبَ الَّذِي يُضْرِمُ نَارُهَا هِي النَّمِيمَةُ الَّتِي يَنْقُلُهَا النَّاسُ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَهِي تُؤَدِّي إِلَى الْفَسَادِ وَالْإفْسَادِ، وَمَا عِلْمِ هَؤُلَاءِ أَنَّ مَنْ نَمٍّ لَكَ نَمٌّ عَلَيْكَ، وَمِنْ نَقْلٍ لَكَ خَبَرُ سُوءِ سَيَنْقُلُ عَنْكَ مِثْلُهُ.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَتَّاتٍ»، وَهُوَ النَّمَّامُ، وَقِيلَ النَّمَّامُ: هُوَ الَّذِي يَكُونُ مَعَ جُمَّاعَةٍ يَتَحَدَّثُونَ حَديثًا فَيُنَمِّ عَلَيْهُمْ، وَالْقَتَّاتِ: هُوَ الَّذِي يَتَسَمَّعُ عَلَيْهُمْ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ثُمَّ يُنَمِّ. يَقُولُ النَّبِيُّ- صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-:« لَمَّا عَرَّجَ بِي رَبِّيُّ عَزَّ وَجَلَّ، مَرَّرْتُ بِقَوْمٍ لَهُمْ أَظَافِرُ مِنْ نُحَاسٍ يَخْمِشُونَ وُجُوهَهُمْ وَصُدُورَهُمْ فَقُلْتُ: مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ ؟ فَقَالَ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ لُحُومَ النَّاسِ وَيَقَعُونَ فِي أَعْرَاضِهِمْ».
الِيَّكُمْ جَمِيعًا: حَاسَبُوا أَنَفْسُكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسِبُوا وَزِنُوا أَنَفْسُكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، فَإِنَّهُ أهْوَنُ عَلَيْكُمْ فِي الْحِسَابِ غَدَا أَنْ تُحَاسِبُوا أَنَفْسُكُمِ الْيَوْمَ، وَتُزَيِّنُوا لِلْعَرْضِ الْأكْبَرِ يَوْمَئِذٍ تُعَرِّضُونَ لَا تُخْفِي مِنْكُمْ خَافِيَةَ وَصُونُوا أَلِسَنَتِكُمْ عَنِ الْحَرَامِ فَعَلَى كُلِّ مَنْ وَقْعٍ مِنْهُ الْغَيْبَةَ أَوِ الْبُهْتَانُ أَوِ النَّمِيمَةُ أَنْ يَتُوبَ وَيَسْتَغْفِرَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللهِ وَيُوضِحُ رُجَّالُ الدِّينِ إِنَّ لَمْ تَسْتَطِيعُ الذَّهَابُ إِلَى مَنِ اِغْتَبْتُهُ فَعَلَيْكَ بِكَثْرَةِ الْاِسْتِغْفَارِ وَكَذَلِكَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ لِلشَّخْصِ الَّذِى اِغْتَبْتُهُ بِالْخَيْرِ، وَكَذَلِكَ عَمَلِ الْخَيْرِ عَنْهُ حَتَّى يَمْحُو اللهُ مَا بَدْرٍ مِنْكَ مِنْ ذَنْبٍ. قَالَ الشَّاعِرُ:
لَا تَلْتَمِسْ مِنْ مساوي النَّاسِ مَا سَتَرُوا فَيَهْتِكَ اللهُ سِتْرًا مِنْ مَسَاوِيكَا
وَاِذَّكِرْ مَحَاسِنَ مَا فِيهُمْ إِذَا ذَكَّرُوا وَلَا تَعِبْ أحَدًا مِنْهُمْ بِمَا فِيكَا
اِحْفَظُوا أَلِسَنَتِكُمْ مِنْ هَذِهِ الْغَيْبَةِ الشَّنِيعَةِ وَمَنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ الْوَضِيعَةِ، فَقَدْ فَازَ مَنْ حِفْظِ لِسَانِهِ مِنَ الزَّلَّاتِ، وَأَلْزَمُ جَوَارِحَهُ بِالطَّاعَاتِ، نَسْأَلُ اللهَ تَعَالَى أَنْ يَطْهُرَ قَلُوبُنَا مِنَ النِّفَاقِ وَأَلْسَنَتِنَا مِنَ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ وَالْكَذِبِ وَالْخِيَانَةِ. ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍبعدﻧﺎ ﻋﻦ ﺍﻟﻐﻴﺒﺔ ﻭ ﺍﻟﻨﻤﻴﻤﺔ,اللهم اني قَدْ بَلَغَتِ اللَّهُمُّ فَاِشْهَدْ.
تسجيل الدخول
تسجيل الدخول
استعادة كلمة المرور الخاصة بك.
كلمة المرور سترسل إليك بالبريد الإلكتروني.
اخر الاخبار
- حملة ضد منصة التيكتوك لاتباعها أسلوب الخصخصة….بقلم .. زيزي ضاهر _أديبة وإعلامية وسفيرة الجمال بلبنان
- شكر وتقدير للدكتورة حنان الغنيمى مديرة معهد الرمد .
- اتحاد العام للقبائل المصرية والعربية يوقع مذكرة تعاون مشترك
- إنجاز طبي مصري مبهر.. فريق جراحة قلب ينقذ 4 حالات حرجة في يوم واحد باستخدام “تقنية القلب النابض”
- الدورة التكوينية الخامسة للمهرجان الدولي للفيديوهات التوعوية لاقت إستحسان كل المشاركين مع تكريم وتألق في حضور نخبة من الفنانين والمبدعين”
- افتتاح معرض ملابس خيري لطلاب جامعة القاهرة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني
- وكيل ” تموين القليوبية ” ورئيس جهاز العبور يبحثان التعاون في ضبط جودة وأسعار السلع الغذائية
- اعلان نتائج مهرجان سيناء أولا لجامعات القناة
- اقتصاد وسياسة القاهرة تختتم فعاليات ملتقى التوظيف والتدريب السنوي بمشاركة 35 جهة حكومية وخاصة
- # الزمالك في نهائي الكونفيدرالية بعد الفوز علي دريمز ….إليكم التفاصيل
التعليقات مغلقة.