src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

*أيها الرفاق ! إلي أين ذاهبون ؟* بقلم..*الحبيب النوبي*

246

حياتنا مبنية على ثلاث محطات
الأولى هي الكمال والثانية هي الغربة وأما الثالثة ، فهي العودة إلى الوطن ……..
قبل أن نخوض كلّ هذه المعارك ، كنا في أمان
لم نكن نعرف معنى الحزن والضياع ، ولا طعم المشاكل ولا الفراق وأمّا الموت ، فكان كلمة بلا معنى . لا تحرّك ساكنا في القلوب ولا تؤلم . لم نكن نعرف معنى أن يشعر المرء بالتّيه في داخله . كان كل شيء على ما يرام . لأنّنا كنّا بين أحضان الله .
ثمّ بدأ العدّ التّنازلي واختار كلّ منّا أن يكون حرّا أكثر ويعيش القليل من المغامرات لاكتشاف الحياة من باب آخر . بابُ الانفصال عن الله .
ومن هذه النّقطةِ بالتّحديد ، بدأت معاناة البشر .
عندما ضاعت البوصلة وتشوّهت الرّؤية وبرزت المغريات وزُيّنت الدّنيا بألوان من كان الأفضل ، من كان الأسرع ، من كان الأقوى ومن كان الأظلم .
وشيئا فشيئا ، اتّخذنا لأنفسنا إلها من دون الله الواحد الوحد .
وأصبحت المادّة إلها ، الحبيب إلها ، العائلة إلها ، الدّنيا في حدّ ذاتها إلها …..
ومع مرور الزمن ، بحث البشر عن سبب مقنع لكلّ هذه الغربة الّتي يشعرون بها . وتفكّك السّبب الرّئيسيُ إلى مسمّيات حتّى باتت المسمّيات أيضا إلها .
وفي وسط كلّ هذا ، لا يزال الله يراقبنا بصمت وبحبّ ورحمةٍ كبيرةٍ جدّا ، علّنا نستفيق من غفلتنا وعبادتنا لكلّ ما هو زائل …..
لا يزال الله ينتظر أن ينصت أحد أحبابه إليه ليحدّد وجهة الطّريق مجدّدا .

أيّ طريق نسلك نحن ؟
إلى أين ذاهبون ؟
مالمغزى من كلّ هذه الصّراعات ؟
ولماذا نسعى لإثبات أنفسنا ؟
مالذي ينقصنا وماهو وجعنا الحقيقيّ ؟
ممّ نشتكي نحن ؟

أيّها الرّفاق . أحبّتي
إنّ الطّريق واحد والرّبُّ واحد .
لا يمكن أن تذهب بعيدا وأنت منفصل عن حقيقة من أنت . لا يمكن أن تسعد حقّا وأنت تسعى وراء أشياء زائلة لا قيمة لها .
إنّ كلّ ما تسعى إليه ، غير موجود ، لأنّه في المستقبل
وهل نحن في المستقبل ؟
إنّنا هنا ، في الحاضر .
المستقبل ليس إلاّ إمتداد لهذه اللّحظة .
أعلم أنّ وجع المرء هو فقدان المعنى .
أن يعيش الإنسان بدون معنى ، فتلك هي أكبر خساراته . ولكن من أين يأتي المعنى ؟ كيف تصبح ذا معنى وأنت منفصل عن أصلك . كيف تجد نفسك وأنت تعبد نفسك معتقدا أنّك نفسك .
وكيف تمجّد ظاهرك ، في حين أنّك لست جسدك .
أين ذهبت الرّوح ؟
أين هو الله …..
من أنت ؟
لم يكن العيب يوما فيك
ولم ينقصك شيء
وكلّ ما تبحث عنه هو مجرّد جرحٍ جديد لقائمة جراحاتك السّابقة .
إذا قيّمت نفسك من منظور أنّك ناقص ، فستملأ فراغك بنقص جديد . وإذا حكمت على نفسك بأنّك حزين ، فسيدخل حياتك من يزيد حزنا على حزنك .
وإذا فكّرت في أنّ الحياة بلا معنى ، فستموت بأفكارك ونظرتك المظلمة .
أمّا إذا تركت كلّ هذا وحاولت المراقبة من بعيد .
وتجرّدت من كلّ العناوين الّتي حكمت بها على نفسك . لستُ حزن . لست نقص . لست جرح . لست أفكاري ، لست مشاعري ولا معتقداتي .
ثمّ اغمض عينيك بعد نفس عميق وطويل .
ارمي نفسك في الفراغ . لا شيء هناك .
لا يوجد شيء . لا يوجد شيء على الإطلاق ……
تخيّل كما لو كنت نورا فقط . من فوقك نور ومن تحتك نور وعلى يمينك نور وعلى يسارك نور .
ثمّ ردّد بلسان قلبك وبهدوء . لا إله إلاّ الله
أخبرني من أنت في الفراغ . من أنت بلا أيّ شيء .
من أنت وأنت تردّد لا إله إلاّ الله ………

الله ستجده دائما في الفرح وفي السّلام
ولكنّه معك دائما في جميع حالاتك .
لا تنخدع بما تراه ولكن صدّق قلبك مرّة واحدة وجرّب أن تعثر على نفسك في الفراغ . هناك يوجد كلّ شيء .
لأنّ الله ستراه دائما ولكنّك لن تشعر به إلاّ في تلك المساحة المقدّسة الّتي تُسمّى قلبك . ومن قلبك يتدفّق تيّار الرّحمن ليجعلك تراه هذه المرّة وأنت موقن أنّه فيك وليس في مكان بعيد .
وفقط للتّذكير .
كلّما كنتَ فرحا في العمق وراضي ، كلّما جسّدت دورك هنا بأمان وكنتَ خليفته على هذه الأرض الطّيّبة .
ستعرف ذلك عندما تصبح أنفاسك خفيفة وأخيرا يزول ذاك الحمل من على كتفك . ولكن لا بأس إذا لم تكن بخير الآن . إنّ كلّ ما يأتي من الله خير ، ربّما أنت هو الّذي لا ترى هذا الخير . ربّما تحتاج فقط لكوب من الماء والجلوس بمفردك في صمت وتقديم بعض الثّناء لمن أنعم عليك بك .
ويا حبيبي . أنت كما أنت وفي ايّ حال كنت ، لستَ مفردك . إنّه دائما معك وبداخلك . سيلتقطك دائما ويحميك دائما لأنّك حبيبه دائما ..

التعليقات مغلقة.