شنت إيران هجوماً صاروخياً مباغتاً على عدد من مدن الأراضي المحتلة بأكثر من 250 صاروخاً بالستياً، وهو ما توعدت تل أبيب بالرد عليه بقوة. وصدر أول تحذير أميركي من الهجوم الإيراني قبل أقل من 3 ساعات من وقوعه، وهو ما أعطى إسرائيل وقتاً أقل بكثير للاستعداد مقارنة بالهجوم الصاروخي الذي نفذته إيران في أبريل الماضي رداً على ضربة إسرائيلية على قنصليتها في دمشق.
وقال الحرس الثوري، في بيان، إنه أطلق مئات الصواريخ باتجاه إسرائيل رداً على اغتيال زعيم حركة حماس إسماعيل هنية والأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، ونائب قائد «فيلق القدس» الإيراني عباس نيلفروشان، محذراً من أن رد إسرائيل سيقابله رد من طهران «أكثر سحقاً وتدميراً». وقال الجيش الإسرائيلي إنه تصدى لعدد كبير من الصواريخ، في وقت أعلن التلفزيون الإيراني أن 80 صاروخاً على الأقل أصابت أهدافاً بينها قواعد عسكرية. وبينما توعدت إسرائيل برد واسع، أعلنت الولايات المتحدة أنها ساهمت في اعتراض عدد من الصواريخ، في وقت لجأ مئات الآلاف من الإسرائيليين إلى الملاجئ للاحتماء منها، كما أعلنت إيران تعليق رحلات الطيران من وإلى مطار الخميني الدولي في طهران حتى إشعار آخر.
وكان مسؤولون أميركيون وجهوا، في وقت سابق، تحذيرات شديدة إلى طهران من أن أي هجوم مباشر على إسرائيل سيكون له تداعيات كبيرة. وجاء التطور الدراماتيكي بعد ساعات قليلة من إعلان إسرائيل بدء عملية برية «محدودة بالمكان والزمان» في لبنان، وهي عبارة أثارت شكوك مراقبين لبنانيين، تحدثوا عن 3 اجتياحات إسرائيلية لبلادهم في غضون 50 عاماً، بدأت بإعلان عملية محدودة وانتهت إحداها باحتلال أجزاء من العاصمة بيروت، وبقاء إسرائيل محتلة لأراضٍ واسعة في جنوب لبنان مدة 40 عاماً. وطلب الجيش الإسرائيلي إخلاء أكثر من 30 قرية قريبة من الحدود، مما تسبب بموجة نزوح تضاف إلى أكثر من مليون شخص تركوا منازلهم بالفعل في الأيام القليلة الماضية.
ونفت مصادر أمنية لبنانية و«حزب الله» حصول أي توغل إسرائيلي داخل الحدود اللبنانية، وتحدثت قوات اليونيفيل الأممية عن توغلات محدودة. وحسبما تشير معطيات دبلوماسية، فإن تل أبيب حصلت على الضوء الأخضر الأميركي في تنفيذ العملية لتحقيق أهدافها، أما كل الكلام عن عملية محدودة بكيلومترات ضئيلة فهو كلام غير دقيق وغير حقيقي، لأنه لا أحد يعلم إلى أين سيصل الإسرائيليون، خصوصاً أن مجمل تحذيراتهم لسكان الجنوب تطالبهم بالخروج إلى الشمال .
وبينما تتحدث بعض المصادر الدبلوماسية الغربية عن اتخاذ قرار كبير في تطويق إيران وإضعاف كل حلفائها عسكرياً، كان لبنان أبلغ مسبقاً ببعض المعطيات والمؤشرات حول السيناريوهات العسكرية، في وقت عمل الإسرائيليون على مناقشة بعض الخطط مع الأميركيين، بما فيها السعي إلى فصل جغرافية جنوب لبنان عن جنوب سورية، ما يعني أن جزءاً من الأراضي السورية سيكون ساحة للمعركة.
وقصف الجيش الإسرائيلي بالفعل، أمس، رادارات عسكرية في سورية، في وقت كشفت مصادر عراقية أن تل أبيب حددت 35 هدفاً لقصفها في العراق. أما عن التوغل البرّي الإسرائيلي في لبنان فله ثلاثة احتمالات، الأول هو الدخول من القطاع الغربي أو الأوسط بشكل مباشر لكنه السيناريو الأكثر ضعفاً، والثاني هو الدخول من جهة «الوزاني» إلى «مرجعيون» وبعض القرى التي يعتبرها الإسرائيليون ليست ذات بنية عسكرية وقتالية كبيرة. أما الثالث، فهو الدخول من القطاع الشرقي وما بين مزارع شبعا امتداداً من الجولان السوري وعبور بعض الأراضي السورية باتجاه البقاع الغربي مع تنفيذ إنزالات باتجاه منطقة مثلث كفرحونة للوصول إلى نقاط وجبال مرتفعة جداً، قادرة على كشف الجنوب والبقاع وإسرائيل. مثل هذه الجبال، يعرف بـ «تومات نيحا» و«جبل صافي». وبذلك يكون الإسرائيليون قد عملوا على محاصرة الجنوب من البر لجهة الشرق، والشمال، في مقابل محاصرته من البحر من خلال البوارج. ولا يمكن إغفال مسألة المناورات في العملية العسكرية التي يعتمدها الإسرائيليون للإشغال وتشتيت القوى العسكرية لـ «حزب الله».