لكل أهل مصر

التربية الحديثة وصعوبتها على جيل الثمانينات – بين الواقع والدراما بقلم : اسماء كامل

422

زمان، لم تكن التربية معقدة مثل وقتنا الحالي، كان في كلمة “حاضر” و”نعم” وانتهى الموضوع، من غير نقاش ولا تفاوض، بس الجيل الجديد بقى لازم تقنعه وتشرح له وتدخله في حوار طويل عريض عشان يقتنع، ولو مااقتنعش تبقى في مشكلة! جيل الثمانينات اللي اتربى على الطاعة والعادات والتقاليد بقى مضطر يطبق أساليب تربية هو أصلاً مش مقتنع بيها، وده عامل ضغط نفسي رهيب عليهم.

والموضوع ده ظهر جدا في مسلسل كامل العدد، اللي بيحكي عن أم عندها عيلة كبيرة وبتحاول توازن بين التربية اللي اتربت عليها، وبين الطرق الحديثة اللي بقت فارضة عليها طول الوقت نقاشات ومفاوضات مع أولادها، وكل قرار بتاخده لازم تبرره وتقنعهم بيه، وده بالضبط اللي بيحصل مع معظم الأهالي دلوقتي.
الأهل زمان كانوا بيقولوا الكلمة والأولاد بينفذوها من غير كلمة “ليه؟” ولا “أنا مش مقتنع” لكن الآن .. لازم الطفل يكون مقتنع عشان يعمل الحاجة، وده معناه مجهود مضاعف من الأهل في الشرح والإقناع، التربية الحديثة بتقول ان ده مهم عشان الطفل يكون عنده شخصية مستقلة ويعرف يفكر، بس في نفس الوقت، محدش واخد باله ان ده ضغط على الأهل اللي متعودوش على الطريقة دي.
في مسلسل كامل العدد بنشوف البطلة طول الوقت بتحاول تطبق التربية الحديثة بس بتلاقي نفسها طول الوقت مضطرة تتفاوض مع أولادها حتى في أبسط الأمور، زي ميعاد النوم أو استخدام الموبايل، وغيره كتير من المواقف اللي المفروض مافيهاش نقاش، لان ببساطة الأهل عارفين مصلحة أولادهم.
لكن واقع أغلب الأهالي الآن، إن كل قرار بياخدوه بقى محتاج نقاش وتبرير وسبب وطبعًا الأولاد عندهم حجج وإصرار يخليك تفقد أعصابك بسهولة، الضغط النفسي والتحديات على جيل الثمانينات بقى أوڤر بصراحة، الجيل دا بقى عايش في دايرة مفرغة، عارف ان الطرق القديمة كانت فيها مشاكل، لكنه في نفس الوقت مش مقتنع تمامًا بالطرق الحديثة، بس مضطر يطبقها.
المشكلة إن التربية الحديثة بتحط عبء زيادة على الأهل، لأنهم بقى مطلوب منهم يكونوا دبلوماسيين طول الوقت، ويبرروا كل حاجة، وده ف حد ذاته استنزاف عاطفي ونفسي رهيب.
في مسلسل كامل العدد، بنشوف الأم في مواقف كوميدية بس واقعية جدًا، لما تلاقي نفسها مش قادرة تفرض رأيها على أولادها، وكل قرار بيتحول لجدال طويل وده اللي بيحصل مع ناس كتير، إنهم حاسين إنهم فقدوا السيطرة على أولادهم بسبب الأسلوب الجديد في التربية،
ف.لازم الجيل الجديد يفهم إن الأب والأم مش دايمًا عندهم الطاقة والصبر اللي يخليهم يقعدوا يشرحوا ويبرروا كل قرار بياخدوه، طول الوقت محتاجين يقنعوا أولادهم بأي حاجة بيعملوها، لأن ده شيء مرهق نفسيًا وعصبيًا جدًا، خاصة إنهم أكتر ناس خايفين على مصلحة أولادهم ومستقبلهم، مش لازم كل حاجة تتحول لمعركة أو اختبار للأهل، لأنهم فعلًا بيحاولوا يعملوا اللي يقدروا عليه، وفي النهاية هم بشر ليهم حدودهم، الضغط المستمر عليهم، وإن كل قرار لازم يكون عليه نقاش ومراجعة، بيخليهم يحسوا إنهم فاشلين في تربيتهم، وده إحساس صعب جدًا.
أنا مش بقول إننا نرجع للأساليب القديمة بحذافيرها، ولا إننا نمشي وراء التربية الحديثة بنسبة 100%، لكن لازم يكون فيه توازن، مهم جدًا إن الطفل يكون عنده حرية رأي، بس في نفس الوقت لازم يفهم إن فيه حاجات مش قابلة للنقاش، وإن قرارات الأهل لازم تتنفذ في بعض المواقف بدون مفاوضات وتبريرات مرهقة ومالهاش نهاية.
وده اللي بشوفه بالفعل في مسلسل كامل العدد، البطلة بتحاول تلاقي المعادلة الصح، ف.بتدي أولادها مساحة للنقاش بس في حدود، وبتحط قواعد واضحة من غير ما تحسسهم إنهم مقيَّدين تمامًا، وده فعليًا الحل لأي حد عايز يربي أولاده تربية حديثة صحيحة، لأن مفيش طريقة واحدة مناسبة لكل زمان ومكان.
في النهاية أنا حابة اقول إن حقيقي التربية في الزمن دا بقت أصعب بكتير من زمان، وجيل الثمانينات هو أكتر جيل حاسس بالفرق ده، لأنه اتحط فجأة في موقف لازم يربي بأسلوب هو نفسه مش مقتنع بيه، ومسلسل كامل العدد وضَّح الصراع ده بطريقة خفيفة وكوميدية، لكنه لمس واقع حقيقي بنعيشه كل يوم.
انا شايفة ان الحل مش إننا نتمسك بالماضي أو نستسلم لكل حاجة جديدة، لكن إننا نلاقي الطريقة اللي تناسبنا وتناسب أولادنا من غير ما نحس إننا في معركة مستمرة، وكمان مهم إن الجيل الجديد يخفف الضغط عن أهله، ويقتنع إنهم أكتر ناس خايفين عليهم، وإن التربية مش سهلة عليهم زيه بالظبط.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد

سياسة الخصوصية وملفات تعريف الارتباط