src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

حتى لا تضيع أحلام الغلابة..امنعوا النصب! ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بقلم د.إلهـــام سيـــف الدولـــة حمـــدان

76

المثل البلدي يقول : يمُوت المعلِّم .. ولا يتعلِّم !!
ولكنه في الحقيقة التي لامراء فيها أنه يتعلَّمْ في كل لحظة .. ألا يتعلَّم !
وهذا “المعلِّم” يعود في كل مرَّة باكيًا شاكيًا مستسلمًا لاعنًا “أبو خاش”الحكومة؛ برغم علمه اليقيني أن الحكومة لا ناقة لها ولا جمل فيما حدث له من خيبة في ضياع “تحويشة العمر” من أموال سائلة؛ أومجمَّدة في شكل سيارات وعقارات و ــ لامؤاخذة ــ مواشي !

وفي كل مرَّة يأتي ضياع تلك “التحويشة” على يد نصَّاب محتال؛ اجتمع الرأي العام المصري على منحه لقب “المستريَّح”؛ ولا نعرف على وجه التحديد من الذي أطلق هذا اللقب على هذا النوع من المحتالين الأفاقين؛ وبرغم شائعة أن أصول ظاهرة “المستريح” في مصر؛ تعود إلى فترة سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي؛ تلك الفترة التي شهدت بروز ما كان يُعرف بـ “شركات توظيف الأموال؛ وأشهرها “الريان”، “السعد” و”الهُدى”؛ ولكنني أقول إن الظاهرة ليست جديدة على المجتمع المصري؛ فقد تم تجسيدها والتحذير من ألاعيبها الجهنمية في بداية الستينيات بشخصية القروي الساذج “مبروك أبو مبروك /الفنان اسماعيل يس” في فيلم “العتبة الخضراء”؛ وقام بدور النصَّاب الإراري “الفنان احمد مظهر” الذي باع للقروي “ميدان العتبة” بمحتوياته من مبنى المطافي وهيئة البريد .. ومرفق الترامواي؛ وحتى محلات احمد حلاوة الكائنة بالميدان حتى وقتنا هذا .

والذي يدعو للدهشة أنه بين الفينة والفينة تعود ظاهرة “المستريح” لتُطل برأسها من جديد؛ وبخاصة في قرى وكفور ونجوع صعيد مصر؛ حيث أهل البساطة والطيبة والسماحة .. والإيمان العقائدي الفطري؛ هذا التديُّن الذي شكَّلته وأثَّرت في قناعاته “فتاوَى” الأدعياء من تجار الدين؛ تلك الفتاوَى التي استطاعت أن توهم البسطاء بأن فوائد البنوك ربا محرمًا في الإسلام ! وتفشَّت الظاهرة في أقصى جنوب مصر بأسوان .. ولم تشفع المسافة الزمنية بين خمسينيات القرن الماضي وأيامنا هذه؛ ولا المسافة الجغرافية بين ميدان العتبة وبين قرى وكفور ونجوع أسوان .. باستيعاب الدروس؛ والعمل على تلافي الوقوع في حبائل وشبَاك كل “مستريَّح” من هؤلاء المحتالين والنصابين !

والآن .. علينا أن نقف وقفة المتأمل لنلتقط الأنفاس ونسأل أنفسنا : ماالعمل ؟ ومن الجاني الحقيقي؟ ومن المطلوب لتقديمه للمثول بين يدي قضاة العدالة للقصاص واسترجاع الحقوق المسلوبة بالغش والخديعة؟ وتتشعب بنا الطرق إلى عدة اتجاهات لابد من مواجهتها وتحليلها ـ من جانب الخبراء ـ التحليل الأمين؛ لمعرفة وتحديد الأسباب الحقيقية لتلك الظاهرة و .. وضع الحلول الناجعة للقضاء على جذورها العطِنة .

بداية .. أنا ـ بصفة شخصية ـ لست “مِنَ” ولا “مَعَ” المتعاطفين مع من يطلقون عليهم لقب “الضحايا”؛ فهؤلاء ليسوا بضحايا ولكنهم طماعون مخربون لمسيرة الاقتصاد الوطني؛ هذا التخريب الذي يتم بعدم اللجوء لاستثمار مدخراتهم عن طريق الأوعية الادخارية المتعددة بالبنوك المصرية المنتشرة بطول البلاد وعرضها؛ وتمنح نسبة معقولة من العوائد عليها؛ ولكنها الأطماع التي تساعد على ” تبخُّــرْ ” تلك المدخرات إلى جيوب النصابين .. وطريق اللاعودة .

أما عن الجاني الحقيقي؛ الذي لابد وأن يتحمَّل عاقبة هذا التخريب المتعمَّد في مسيرة الاقتصاد القومي؛ فإننا نشير بإصبع الاتهام ــ بلا خوفٍ أو خجل ــ إلى الأدعياء الذين يعتلون ” المنابر” في الزوايا والمساجد الأهلية الكائنة أسفل المنازل في كل الأحياء؛ ويحضُّون أصحاب المدخرات ــ باسم الدين ــ على عدم التعامل مع الأوعية الادخارية بالبنوك ــ التي تقوم بدورها في استثمارها في تشييد وتشغيل المشروعات الوطنية والقومية ــ والادعاء الكاذب بأن التعامل معها والتمتُّع بعوائدها وأرباحها : حرامٌ .. حرامٌ .. حرامٌ .. حرام !! ولابد لنا من الإشارة إلى أهمية “المؤسسة الدينية ” المتمثلة في الأزهر الشريف ودورها في ضرورة اقتصار إصدار “الفتاوَى الشرعية” على العلماء من ابنائها وخريجيها؛ وليأتي التعضيد بدور الدولة في تغيير التشريعات وتغليظ العقوبات على مثل هذه الجرائم؛ التي قد تصل ـ في بعض الحالات ـ إلى الإعدام ؛ وحتى يعرف كل من يحاول ارتكاب مثل تلك الجرائم أنه لن يتاح له أي مكتسبات من الأموال المحرمة التي قام بنهبها دون وجه حق .

لقد بات لزامًا على المجتمع المصري الآن؛ العمل على مواجهة تلك الظاهرة بكل السبل المتاحة عن طريق الإعلان والإعلام بكل الوسائل المُذاعة والمقروءة والمرئية؛ لتوعية المواطنين بضرورة اللجوء إلى الأوعية الادخارية العاملة بضمان البنوك؛ وعلى تلك البنوك القيام بإعداد وتجهيز دراسات جدوى للمشروعات الصغيرة؛ لتكون متاحة لإنشاء “كيانات” بمجموعة صغيرة من المستثمرين أصحاب المدخرات ـ ولتكن كل شركة من خمسة شركاء ـ وحتى تصبح تلك الكيانات بمثابة حائط الصد المنيع في وجه كل من تسول له نفسه أن يكون “مستريَّح” جديد على الساحة ؛ ولإجهاض كل محاولة لاستغلال “أحلام الغلابة” في حياة كريمة لهم ولأولادهم .. ولصالح الاقتصاد المصري من جهة أخرى .

إننا في انتظار الأحكام الرادعة لتلك الفئة الضالة ؛ الخارجة على كل القوانين والأعراف؛ ولتلافي العبث في مسار الاقتصاد المصري ؛ وحتى لانعود لتكرار كلمات التهكم ونقول :
من العتبة الخضراء لأسوان .. ياقلبُ لاتحزن !

التعليقات مغلقة.