src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

المونودراما “سيب نفسك”..بين ياقوت ..و فاطمة محمد علي….بقلم؛ دإلهام سيف الدولة حمدان…… أستاذ اللغويات والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

142

«إننا نعترف أن موضوعات الفن جزئية بمعنى أن الكاتب مثلاً يرسم في روايته شخصية فردية محددة، لها اسم معين وطبيعة خاصة، وظروف معينة في الحياة. ولكن الفنان كثيرًا ما يتناول، من خلال الشخصية الجزئية نمطًا عامًا، يمثل الفكرة بأسرها، ولا تحققها الجزئي في هذا الفرد أو ذاك. فحين يعرض الفنان شخصية معينة، قد يعرض لنا من ورائها أنموذجًا كاملاً للإنسان ذاته. ”
فالفن في تصديره للموضوع الفردي، لا يسعى إلى التعبير عن هذا الفرد لذاته، بل يقدم ما هو جوهري وأساسي فيه وفي غيره ممن يماثله من أفراد.
ومما لا شك فيه أن كثير من الناس لايعرفون عن فن المونودراما ماينبغي معرفته من كونه أحد الفنون المسرحية بالغة الصعوبة وان الفعل المونودرامي موجود دائماً بشكل أو بآخر في الفنون كافة، إذ أنه يرتبط برغبة الفرد في الظهور والتميز وبإبراز الخصوصية والتفرد الذاتي وهذا لايقتصر في وجوده على المسرح بل يُوجد في الشعر والقصة والرواية أيضا، حيث ينطويان على مشاهد مونودرامية يُرادمنهافي لحظة ما من العمل أن تبلغ ذروة الدراما من خلال الكشف عن جوانب الصراع الداخلي للشخصية أو قلقهاوهواجسهاومأساتها .. بحسب العديد من المراجع المختصة.
” إنه صوت الأنا الذي يحاول دائماً أن يطغى على صوت الآخر، وصورة الفرد التي تحاول التمايز عن صورة الآخرين.. وكلمة المونودراما Monodrama كلمة يونانية تنقسم إلى Mono وتعني (وحيد)، و Drama وتعني (الفعل). وهي، إصطلاحاً، تعني مسرحية الممثل الواحد، بمعنى أن يقوم بتشخيص المسرحية ممثل واحد فقط وهو المسئول عن إيصال رسالة المسرحية ودلالاتها جنباً إلى جنب مع عناصر المسرحية الأخرى،وفي بعض الأحيان يستعمل تعبير رديف هو عرض الشخص الواحد One Man Show ، أو الـ solo play عند الألمان..”
فمن خلال زيارة لمسرح السلام تلبية لدعوة كريمة وجدت الفنانة الشاملة المطربة والممثلة ومحركة العرائس بل الراقصة التعبيرية فاطمة محمد علي تستقبل جمهور مونودراما “سيب نفسك ” تأليف مارك إيجيا ،التي قام بترجمة النص د. نبيلة حسن ،دراماتورچيا وإخراج الفنان الأكاديمي المبدع د. جمال ياقوت ورئيس مهرجان المسرح التجريبي الأسبق لأكثر من دورة ناجحة،موسيقى حاتم عزت..عرائس د.نبيل الفيلكاوي ود.أمير عبد المسيح..أشعار د.محمد مخيمر..استعراضات مناضل عنتر..ديكور أحمد نبيل..أزياء نهاد السيد..فريق الإخراج نهى فؤاد منال حامد ومي فهمي والدعاية لمحمد فاضل،استقبلت فاطمة جمهور العرض بملابس عاملة النظافة _من خارج قاعة المسرح _التي أهدتنا ساعة من الأداء التمثيلي والرقص والغناء الحي وألعاب العرائس من خلال سرد لمشوار حياة هذه العاملة تحكيها لتصرف انتباه رجل السطوح الراغب في إلقاء نفسه من أعلاه أثناء دوريتها،فتريد منعه حتى تسلم النوبتجية لآخر، هنا تتحرر من خوفها أن ينتحر في وجودها،لم يتسرب الملل لحظة إلى المتفرجين فالمكان على ضيقه استشعرناه باتساع الكون،وليس مجرد سطح لبناية،بل هو عدة أماكن في مكان،يقدم أكثر من لون فني في آن معا،تجسدت حرفية الممثل والتمكن من كل أدواته،بدربة ومرانة تظهر إمكانات مخرج العمل في اكتشاف كوامن فاطمة الفنية فكان وراء الشكل الأدائي المتمكن والمتميز الذي ظهرت به فاطمة محمد علي لجمهورها الذي يعرفها بوصفها مطربة صاحبة حنجرة ذهبية في المقام الأول ،فإذا بها تدهشك بالغناء تارة والتمثيل تارة وتحريك العرائس والرقص تارة أخرى ،تلاوين من الفنون تشبعك فنا،وتغذي أوصالك،لاتملك معها سوى التجاوب الجميل،استجابة لسيطرة (فاطمة محمد علي )على جمهور العرض بكاريزما حضورها الناعم،فتدفعهم إلى التصفيق الإيقاعي تارة على شدوها الرائع،وترديد بعض المقاطع معها محدثة حالة تشارك وتجاوب يدخلان المتفرج في نسيج العرض ،وقد لعبت عناصر العمل مجتمعة مناخا خاصا ورونقا اكتمل به أداء فاطمة فاستمتعنا بمفردات العرض نصا وشعرا،وطربنا مع ألحان شجية دعمت أجواء العرض بعبق موثق لحالة بطلة العرض النفسية والروحية ،فكان شدوها حريريا،سكن القلب والوجدان.
ماأروع أن تضاء مسارحنا من جديد،بكل هذا الزخم الفني الذي يلمسه كل جمهور المسارح العطشى إلى عودة الأضواء،فالفضل ينسب دوما لأهله،لذا نزجي التهاني للفنان محسن منصور ،مدير فرقة المسرح الحديث ،على مجهوداته الملموسة، بهدوء من خلال واقع يؤكده،وللفنان الخلوق المخرج خالد جلال ،رئيس قطاع شؤون الإنتاج الثقافي على دعمه ودوره في الدفع بقاطرة الفن المسرحي نحو النهوض.
وليتنا نجد عروضا مثل “سيب نفسك” ثانية وثالثة ..و..و..فالمتعة الفنية التي بثها هذا العرض والحالة المسرحية النادرة ،تجعله غاية لكل فنان يحترم الجمهور ويقدس فنه،فلاعجب أن كان هذا العرض قبلة العديد من الزائرين من الحقل الفني والثقافي على أعلى مستوى ،فقد أسعدني الحظ أن أحضره مع المونتير المائزة أ.د.غادة جبارة رئيس أكاديمية الفنون ووكيل نقابة المهن السينمائية،والمايسترو أ.د.طارق مهران وكيل المعهد العالي لفنون الطفل بالأكاديمية،وعدد غير قليل من زملائنا بالأكاديمية،والكاتب والشاعر محمد احمد بهجت ،بدعوة من الزميل والصديق الفنان مخرج العمل د.جمال ياقوت والفنانة القديرة فاطمة محمد علي، نشكرهما ونهنئهما في آن كما نبارك جهدهما المخلص في إضفاء حالة من السعادة والحبور لدينا،واتمنى أن يتم تصوير العرض وتوثيقه حتى لا تذهب هذه الجهود هباء ويطويها النسيان !
وعن نفسي لم أكتب سطرا واحدا في مقالي هذا أجامل فيه أحدا، على النقيض من ذلك أشعر أن ماكتبته لايصل إلى حجم ماهم جديرون به ،لكن هذا هو المتاح لقلمي من مساحة ، أما مافي رأسي فلا تكفيه صفحات وصفحات لتنضاف لإشادات كبيرة حظي بها هذا العمل عن استحقاق.

التعليقات مغلقة.