src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

” غَـزَّة ” .. في قلب العرب ..كوميديا سوداء بنجاح منقطع الضمير ـ د.إلهــام سيــف الدولــة حمــدان ــ أستاذ اللغويات والتأليف والكتابة الإبداعية بأكاديمية الفنون ورئيس قسم الإنتاج الإبداعي الأسبق وعضو اتحاد كتاب مصر

363

 

أرجو ألا تقرأ عنوان مقالي بالخطأ؛ فما اقصده هو ” طعنة ” بخنجر مسموم في قلب العرب .. والعروبة !؛ ولست بصدد تحليل الموقف الراهن على الساحة الفلسطينية؛ فلست بالمحلل السياسي الذي يفهم أبعاد قواعد اللعبة التي تُدار “بالريموت” على البُعد من هنااااااك ؛ حيث تتربص للوقيعة والغدر منصات الشر والتفرقة؛ والدمار،والدم، والموت!

ولكني أحاول وأتمنى أن أنول شرف المحاولة؛ وأعرف مُسبقًا أنني ألقي حجرًا في مياه “العرب” الآسنة؛ والمليئة بالطحالب العفِنة المتراكمة عبر سنوات ماأسميناها بــ “القضية”!. هذا إذا كانت ـ بالفعل ـ قضية ينظرها قاضٍ يجلس على منصة العدالة؛ تلك العدالة التي من المُفترض أن تكون معصوبة العينين؛ فليس من العدالة في شيء أن يكون منشيء “القضية” هو : الخصم والحَكَمْ؛ والعجب العُجاب أن يأتي هذا القاضي بالمحلفين والشهود .. بل جمهور النظَّارة في ساحة المحكمة !

إنها بمثابة “كوميديا سوداء تُقدَّم بنجاح منقطع الضمير على مسرح العالم ؛ الذي يقولون عنه ـ مش عارفة ليه ..العالم الحُر ؟!

والغريب ايضًا أن هذا المسرح لايتمتع ـ مثل المتعارف عليه في مسارح الدنيا ـ بوجود “كمبُوشة” يجلس بداخلها “الملقِّن” ليذكِّر جوقة الممثلين بكلمات “المؤلف” لعدم الخروج عن النص؛ ولكنه مسرح مكشوف بفجور؛ وتجلس أمريكا وتابعتها انجلترا وبقية الدول الأوروبية في مقعد الملقن الخفي الذي يعرفه الجميع ولا يظهر لأحد !ولكنه صمت الدول أصحاب المصالح الاقتصادية التي ترتجف رعبًا من سيطرة من أمريكا ؛ وتفرض “الدولار” إلهاـ حاشا لله الواحد القهارـ لتروس آلة رأس المال التي لاترحم؛ ولا تعرف سوى لغة القوة الغاشمة بأسلحة الدمار؛ ولا تعترف أن مايُرتكب ضد الشعب الفلسطيني في “غزة”؛ هو جريمة إنسانية بكل المعايير .
جملة اعتراضية :
“غزة ” هُنا هي الأرض والعِرض الباقي من مساحة جسد فلسطين!

لقد كان العالم ـ وبخاصة بعد الحرب العالمية الثانية ـ شبيه بـ “حارة نجيب محفوظ “؛ التي يتحكم في حياة وأرزاق قاطنيها؛ بعض “الفتوات” أصحاب الشوارب المفتولة والعصي الغليظة؛ ففي الغرب يقف “الفتوة” الذي يمثل أمريكا ؛ وفي الشرق يقف “الفتوة” الذي يمثل اتحاد الجمهوريات السوفييتية؛ فكان على سكان الحارة اللجوء إلى أحد هؤلاء ليتم حمايتهم من بطش الآخر .. لتتساوى كفتي الميزان تأرجحًا بين هذا .. وذاك !

ولكن منذ تفكك الاتحاد السوفييتي ــ بفعل فاعل ــ اشتد استقواء الفتوة الوحيد القابع على صدر “الحارة” .. أقصد خريطة العالم؛ ليس لأنه الأقوى والأعظم فحسب؛ ولكن لأنه يمتلك ترسانة “السلاح” مستعينًا بالذيول من عصابات الخيانة المتناثرين كالذباب الأزرق في كل زمانٍ ومكان؛ والأدهى والأمَرْ .. أن هذا “الفتوة الجديد” لا يتورع أن يُكبِّد الدول التي تُنتهَكْ سيادتها ـ علنًا ـ تكاليف تحرك الجيش الأمريكي ! أو لم أقل : إنها الكوميديا السوداء التي يتم تقديمها على مسرح العالم ؟ بلى .. والثمن هو أنهار الدماء التي تجري في وديان العرب!

إذن .. كان الشاعر الراحل “نزار قباني” على حق .. حين قال عن مأساة خضوع وخنوع وتقاعس العرب تجاه الدفاع عن قضاياهم المصيرية :
” لا تلعنوا السماء
إذا تخلَّت عنكم ..
لا تلعنوا الظروف
فالله يؤتي النصر من يشاء ..
وليس حدادًا لديكم.. يصنع السيوف !
……
خلاصة القضيه
توجز في عباره :
لقد لبسنا قشرة الحضاره
والروح جاهليه !

وخلاصة نبوءة الشاعر تقول : مالم تصنع سلاحك .. ستظل رقبتك في يد الحداد !

وأنا في حل من ذكر جهود وتضحيات الدولة المصرية في سبيل “القضية الفلسطينية”؛ وبعد لحظات من صدور “وعد بلفور” في العام 1917؛ فالكل يعلم كيف قدمت مصر الكثير من دماء الشهداء من ابنائها البررة خلال حروبها من أجل فلسطين : 1948/1967/1973.. وحتى ساعة كتابة هذه السطور ! فقد تحركت مصر منذ اللحظات الأولى للعدوان؛ وذلك من خلال الاتصالات واللقاءات التي قام بها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ والجهد الكبير الذي بذله في تغيير الكثير من المفاهيم والتوجهات لدى “الفتوة الأعظم”؛ والدول التي تدعم الاحتلال الصهيوني؛ وبخاصة أن “مؤتمر القاهرة للسلام” كان هو منصة الانطلاق تجاه وقف العدوان البربري على المواطنين العزل من سكان غزة !

وبمناسبة الحديث عن “مؤتمر القاهرة للسلام”؛ أجدني مضطرة للعودة لما سبق وأن اشرت إليه ـ في مقالٍ سابق ــ عن كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي ــ وفي مواجهة صريحة ــ حين قال : ” … إن مصر منذ اللحظة الأولى؛ انخرطت في جهود مضنية آناء الليل وأطراف النهار؛ لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية إلى المحاصرين في غزة؛ و” … أن الدولة المصرية ترفض رفضًا تامًا مشددًا للتهجير القسري للفلسطينيين مهما كانت الضغوط الإنسانية لينزحوا إلى سيناء لأن هذا من شأنه أن يتسبب في تصفية نهائية للقضية الفلسطينية؛ وإنهاءً لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة؛ وإهدارًا لكفاح الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية؛ بل وجميع الأحرار في العالم، على مدار ٧٥ عامًا؛ هي عمر القضية الفلسطينية …”؛ و ” أن الحل الوحيد يكمن في تحقيق العدل؛ ويخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني؛ من يظن أن هذا الشعب الأبي الصامد؛ راغبٌ في مغادرة أرضه؛ حتى لو كانت هذه الأرض؛ تحت الاحتلال أو القصف …” !

هذه هي مصرنا المحروسة بقيادتها الوطنية المؤمنة دائمًا بمواقفها الثابتة التي لاتتزحزح قيد أنملة عن دورها العروبي الوطني؛ وريادتها كرأس السهم على الخريطة العربية .. بل خريطة العالم بأسره !
وفي الغد القريب .. سوف تشرق شمس العزة والكرامة على كامل الأرض الفلسطينية؛ مصداقًا لـ ” وعد ” المولى عز وجل في كتابه العزيز :

” فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ
فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولاً ” ( الإسراء /5) ..
وإنا لوعد الله منتظرون !

التعليقات مغلقة.