src="https://pagead2.googlesyndication.com/pagead/js/adsbygoogle.js?client=ca-pub-9531795408881375" crossorigin="anonymous">
Take a fresh look at your lifestyle.

العالــــم و”مارك/ ميتا”.. في حَيْــصَ بَيْـــص ! ـــبقلم … د.إلهـــام سيـــف الدولـــة حمــدان

453

 

بالأمس .. وقف العالم مذعورًا على ” طراطيف صوابعه”؛ ليشرئب بعنقه عبر المحيطات والبحار والأنهار والصحارى والسهول والوديان .. ليتساءل : ماذا فعلت بنا يا ” مارك /ميتا” ؟! ويقصدون به هذا الـ”مارك” ـ ابن الإيه ـ الذي استطاع أن يجعل من العالم بأسره : ” أوضه وصالة .. وعفشة ميَّة ” !

 

فقد فرك البشر حول العالم أعينهم ذات صباح؛ ليكتشفوا انقطاع “أحبال” التواصل اللامرئية؛ وتقطعت معها نياط قلوب الصغار والكبار من الشباب والشابات والكهول وكبار السن؛ وعرفوا أن رياح التكنولوجيا ــ المستوردة ــ أغلقت الأبواب والشبابيك والعيون؛ هذه الأبواب والشبابيك والعيون التي تطل ـ في دنيانا ــ على الشوارع العمومية والخلفية وقيعان الحارات ــ وبخاصة في عالمنا الثالث ــ لينساقوا في زرافات خلف هذه التكنولوجيا العجيبة التي استطاعت أن “تكشف “و “تُعرِّي” عيوب وسوءات مجتمعاتنا المصرية والعربية؛ التي باتت تنتظر “الفتات” من تلك التكنولوجيا المتقدمة التي يقدمها لنا الغرب ـ ولا شيء يأتي من الغرب .. يسُـر القلب ــ ؛ وتخبطت الأسنان والأقدام في مشاهد عبثية مضحكة مُبكية؛ وصار العالم في ” حَـيْـصَ .. بَـيْـص “! ؛ والعجيب أنه قد انعقدت “ألسِنة الخلايق” على سؤالِ واحد : ( ماذا فعلت بنا يا “مارك ) ؟! ولم يسألوا أنفسهم ـ وبخاصة في عالمنا العربي ـ : ماذا فعلنا نحن بأنفسنا ؟ ولماذا كل هذا الركض خلف هذه التكنولوجيا التي ذهبت بالوقت والمال والجهد والزرع والضرع؛ ولم نقم بالعمل ـ من جانبنا ـ على فك طلاسم تكنولوجيا هذا الـ “مارك” ؟! وسأقدم لك الدليل على اعتمادنا على “الغير” في الكثير من الأشياء التي تحيط بحياتنا؛ وهو أنك ستترك كل حديثي معك الآن؛ لتسألني : مامعنى “حَيْصَ بَيْص” ؟ ألم أقل لك ؟ بلي .. وسأجيب عن هذا التساؤل في عُجالة؛ لنعود إلى حديثنا عما فعله بنا “مارك” ابن الإيه !

 

تقول العرب : وقع الناس في حَيْصَ بَيْص؛ أي في شدة واختلاط ؛ أي وقع في ضيق وشدَّة لم يجد منهما مخرجًا، وقيل اختلط عليه الأمر والتبس؛ ومعنى هاتين الكلمتين ” الشدة والاختلاط “. وحيْصَ بَيْص: جحر الفأر لضيقه؛ كما ذكر ابن منظور في لسان العرب . ها .. هل وصلت المعلومة ؟

 

وأزيدكم من الشعر بيتًا .. ومعلومة أخرى على الماشي ؛ فإنه يقال ــ بتصرف ــ إن حيص بيص هو الأمير أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي الملقب شهاب الدين المعروف بحيص بيص وهو شاعر مشهور؛ وكان فقيهاً شافعياً؛ وغلب عليه الأدب والشعر؛ وله ديوان شعر وتكلم في مسائل الخلاف ونظم الشعر؛ وأجاد فيه مع جزالة لفظه، وله رسائل فصيحة بليغة. قيل : سبب تسميته بالحيص بيص أنه كان العسكر ببغداد قد همّ بالخروج إلى السلطان السلجوقي، وذلك في أيام المقتفي لأمر اللّه فكان الناس من ذلك في حديث كثير وحركة زائدة، فقال ما لي أرى الناس في حيص بيص فلقب بذلك فبقي عليه هذا اللقب .

 

وبالعودة للحديث عن هذا الانهيار الذي حدث في شبكات التواصل ـ أو التباعد ـ الاجتماعي؛ نجد أن رجل الأعمال الأمريكي ومالك ” تويتر” ـ إيلون ماسك؛ قد توقع انهيار مواقع التواصل الاجتماعي بسبب تفشي ظاهرة الحسابات المزيفة؛ونقل موقع ” ذا ناشونال نيوز” عن ماسك تصريحات أدلى بها ـ في مارس من العام 2023 ــ دفاعًا عن قراره المثير للجدل بفرض بدل مالي على المستخدمين الراغبين في توثيق حساباتهم. وأوضح ــ آنذاك ــ أن الشبكات الاجتماعية التي لا تطلب مقابلاً ماليًا لتوثيق حسابات مستخدميها ستنهار في نهاية المطاف تحت سيل الحسابات المزيفة ! وشهد شاهدُ من اهلها !

وعن احتمالية تعطل “تويتر” في مناطق متفرقة من العالم ” قال : ” …إن التحدي الأكبر يكمن في سهولة إنشاء عشرة آلاف أو مئة ألف حساب مزيف على تويتر بواسطة جهاز كمبيوتر واحد وتقنية ذكاء اصطناعي حديثة؛ وقدم الحل لتلك المشكلة وهو التحقق باستخدام رقم الهاتف وبطاقة الائتمان”، محذرا الشبكات الاجتماعية التي لن تفعل ذلك من الانهيار …” .

 

ولعلنا نجد في انهيار شبكات التواصل عبر برامج : ” فيس بوك و تويتر”؛ فرصة رائعة؛ لإعادة صياغة سلوكياتنا وتنظيم حياتنا وعلاقاتنا؛ وذلك بالعودة إلى “القراءة” لأمهات الكُتُب العلمية والروائية والقصصية والشعرية؛ وإحياء ذاكرة التعايش الجميل مع رائحة الورق وأحبار الطباعة؛ والعودة لننفض “أرفف المكتبات” مما علق بها من أتربة على أغلفة الكتب؛ ولنتذكر الخطابات المتبادلة بيننا ” بخط اليد “؛ بدلاً من ” لوحة المفاتيح” الصماء؛ والعودة للمتعة الجميلة في احتضان ” الكتاب ” كصديق مخلص أمين؛ لايبخل عليك بوقته ولا بما في جوفه من كلمات؛ فيعطيك الثقافة والمعلومة ؛ ويقبع بين يديك صاغرًا وقتما تمد يدك إليه .. وتطلبه! متى ننقذ أنفسنا ونودع عالم العم مارك ونتركه نحن في..حيص بيص!

التعليقات مغلقة.